روائع مختارة | واحة الأسرة | عش الزوجية | الترف والإسراف في البيوت سببه تراجع القيم الإسلامية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > عش الزوجية > الترف والإسراف في البيوت سببه تراجع القيم الإسلامية


  الترف والإسراف في البيوت سببه تراجع القيم الإسلامية
     عدد مرات المشاهدة: 2437        عدد مرات الإرسال: 0

الإسراف والتبذير أحد الأمراض الإجتماعية المرتبطة بضعف الثقافة الإسلامية، وبغياب الأخلاق والعادات، المنبثقة من التوجيهات النبوية الشريفة، وتوجيهات القرآن الكريم.

وفضلا عن أن التبذير والإسراف هو مرض في حد ذاته، فإنه يقود إلى أمراض أخرى، كالبخل والتكلف والرياء كما يقول المهندس فتحي شهاب الموظف بوزارة التخطيط.

¤ الإسراف يقود للبخل!

ويقول المهندس فتحي شهاب: إن التبذير والإسراف فرض علينا شكلا معقدا في تقديم الضيافة   مثلا ربة البيت لا تسمح أن تقدم أي شيء من الموجود في الثلاجة مثلا عندما يأتي ضيف طارئ، وهو ما يمنعنا من عدم تقديم واجب ضيافة لأننا لم نستعد، وهذه آفة مزعجة فقد يكون هذا الضيف الطارئ، والذي غالبا لا يكون غريبا، فربما كان زميلا في العمل، أو أحد الأقارب، لكننا نأخذها من زاوية أن هذا لا يليق بنا! وأن شكل الضيافة الموجود غير لائق، فنحرم من الضيافة ونصاب بالبخل!

وأضاف شهاب: هذا أحد أعراض التبذير والإسراف الذي حاصرنا في التعامل مع الضيوف، ومع أنفسنا، لكنني من ناحيتي أقاوم هذا السلوك، وأحرص أن أقدم للضيوف ماهو موجود، لأنني شخصيا قد أذهب لبعض الأقارب وأكون جائعا، وكل ما أريده خبزة وماء، وهذا ما أفعله بالرغم مما ألاقيه من معارضة من زوجتي وأولادي!

وتابع شهاب: الإسراف والتبذير من الأنماط الإستهلاكية، وهو من الأمراض الإجتماعية، التي غذتها عدة روافد كان الإعلام الإستهلاكي من بينها، فنحن نلاحظ أن الإعلانات التلفزيونية تحرض على الشراء، وبث ثقافة التشيؤ -هيمنة القيم المادية على القيم المعنوية لدى المجتمع- بإقتناء أشياء زائدة عن الحاجة، أو لا حاجة لها أصلا، وشيئا فشيئا يكون الإستكثار ثقافة، وننسى أن هذا فضلا عن ضرره الإقتصادي، فهو ضرر أخلاقي ومرض إجتماعي يرفضه الإسلام، لأن الإسراف والتبذير هو إنفاق الشيء في غير موضعه، أو في غير ضرورة، وليس شرطا توفر القدرة الشرائية من عدمها.

¤ شكر النعمة حفظها:

أما الأستاذ محفوظ عبدالرحمن الباحث بالوزارة نفسها -وزارة التخطيط- فيقول: يظن بعض الناس أن الإسراف والتبذير هو من باب شكر النعمة، وينسى أن شكر النعمة يعني حفظها وعدم إنفاقها إلا عند الحاجة لها، وأن التوسط والإعتدال مطلوب.

وأضاف التبذير صورة من صور عدم تقدير نعمة المال التي أنعم الله بها على الإنسان، والتبذير لا يكون في المال فقط، بل قد يكون في الصحة أو في الوقت، والتبذير ينشئ أجيالا لا تقدر النعمة ولا تعرف التعاون، وهي كلها صفات مادية شرسة تنزع الرحمة والمحبة من أفراد المجتمع.

وتقول أم أيمن -ربة منزل: أسباب الإسراف قد يكون سببه حب التباهي، خصوصا بعض السيدات التي تحب التباهي أمام الجارات، بالأثاث الجديد، والسجاد الفاخر، لاسيما عند تجهيز البنات للزواج، وربما يثقل هذا كاهل رب الأسرة الذي يضطر للإستدانة، وكل هذا من أجل التفاخر والتباهي، الذي يقود للإسراف والتبذير الذي يغضب الله تعالى.

وتقول أم أيمن أذكر أننا في السابق كنا نعيش حياة يسيرة لا تعقيد فيها، ولم يكن هناك فقراء بهذه الطريقة التي نراها ونسمع عنها، فقد كان المجتمع متكافلا، والجميع يحبون بعضهم.

وتضيف: مازلت أذكر كيف كانت والدتي رحمها الله ترسلني بأطباق الخضار للجارات، وكذلك الجيران يرسلون لنا، وهي حالة من التراحم، كأننا نأكل سوياً في وعاء واحد، ولهذا كان الحب يسودنا، أما اليوم فهناك أناس يعيشون الترف والبطر، وناس لا تجد قوت يومها، فتظهر الكراهية والضغينة.

¤ تراجع قيم المجتمع المسلم:

وحول ظهور هذا المرض الإجتماعي بشكل بارز أكثر من السابق، يقول الدكتور محمود خليل مدير عام إذاعة القرآن الكريم: الإسراف والتبذير من الأمراض الإجتماعية المصاحبة لتطور الحياة المدينة، وتراجع قيم المجتمع المسلم، وكلما أوغل المجتمع في أشكال الحضارة والمدينة، كلما تراجعت قيمه الإسلامية، وهي حالة غير طبيعة، فالطبيعي أنه كلما إرتقى الإنسان، كلما تحسنت أخلاقه، لكن السبب يرجع لأننا اعتمدنا في شكل التحضر على تقليد الغرب.

ويقول الدكتور خليل: لو رجعنا للوراء لعشرين عاما مضت، يمكنني أن أقول لك: إن المجتمع كان يترجم قيم الإسلام من الحديث الشريف والقرآن الكريم عبر سلوكياته، ففي الريف مثلا كان الريفيون يصنعون طعاما لأهل الميت، كنوع من الواجب الإجتماعي الذي يخضع لقيم الحياة المعاشة، ولو بحثنا في هذا السلوك لوجدناه ترجمة للحديث الشريف حين توفي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: «اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ» رواه أبو داود وحسنه الألباني.

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراب:31]، وقوله تعالى: {إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:27].

وأضاف: نحتاج أن ندرك جيدا معنى الحديث الشريف: «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ، عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ» رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وحسنه الألباني، وهي كلها خاصة بمواطن حساب الذات التي تردها الإسراف والتبذير وتردها عن الشطط.

وتابع خليل: ومن طرائف ما يذكر في ذلك قصة للشيخ عبدالعزيز البشري رحمه الله عنوانها الغني والفقير، كانت تدرس على طلاب المرحلة الثانوية قديما، وهي موجهة لعلاج الإسراف، وللشعور بالمحتاجين، وفي القصة أن اثنين ذهبا للطبيب يشكوان البطنة، أحدهم متخم والآخر جائع!

وهي رسالة لطيفة في التنبيه إلى أن هذا المتخم لو أدى حق الله عليه، لأنقذ نفسه وأنقذ أخاه الجائع، وهي معاني كبيرة في البذل والعطاء ومحاربة الإسراف والتبذير إفتقدناها كثيرا في هذا العصر!

المصدر: لها أون لاين.